خلق الحياء

الحياء
انه خلق من أهم الا الاخلاق ...خلق مؤثر في الفرد والاسرة والمجتمع ,خلق كلما تمسكنا به ..زاد المجتمع طهراً ونقاءً , وكلما بعدنا عنه ...زادت المشاكل في المجتمع ,انه خلق الحياء ..الملاصق للايمان , فيزيد الايمان بزيادته , وينقص بنقصانه .ان الحياء معناه :انقباض النفس , أي ان النفس لا تستطيع فعل الرذيلة او الشيء القبيح , ولا تطيقه , فالانسان الحييّ لا يستطيع ان يرى نفسه مهانة أمام الله ,او امام الناس , او امام نفسه .
ان اصل كلمة حياء من الحياة ,ولذلك نقول :استحى الرجل ,اي انه من قوة نبض الحياة داخله استحى ان يقع في الرذيلة من كثرة ما هو حييّ , وان العلاقة بين حياء القلب (خاصة ) ,والحياء (عامة) لعلاقة وثيقة , فكلما كان القلب حيياً كلما ازددت حياءً ...واذا مات القلب ...!! فلن يكون عندك حياء , فبموت القلبه ماتت العاطفة ! فلن يستقبح قبيحاً ولن يستدني دنية .
*الفرق بين الخجل والحياء ...!!
هناك فرق كبير بين الخجل والحياء , فالخجل يعرّفه علماء النفس بأنه :ارتباك يحدث للانسان نتيجة موقف , كسؤال المعلم للطالب ...فتجد الطالب يخجل ولا يستطيع عرض رأيه بوضوح , فالخجل ناتج عن جبن ... عن خوف ...فالشخصية الخجولة شخصية ضعيفة ...ولكن الحياء عكس ذلك تماماً ...فان الحياء ناتج عن شخصية قوية , شخصية تستشعر قيمتها فهي كريمة ...تستعلى ان تفعل القبائح .
آيات ودلالات :
• اليك احاديث النبي (ص) التي يتحدث فيها عن خلق الحياء , وستجد نفسك تخرج بهذه النتيجة \"ان الحياء أهم وأعظم الاخلاق \" , يقول النبي (ص) :( الايمان بضع وستون شعبة , والحياء شعبة من الايمان ) , نلاحظ ان النبي (ص) لم يذكر هذه الشعب ولكنه ذكر الحياء فقط ...وفي رواية اخرى يقول (ص) :( الايمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا اله الا الله , وأدناها اماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الايمان ) .
• يقول النبي (ص) :( الحياء كله خير ), ويقول أيضاً :( الحياء لا يأتي الا بخير ) ...ويقول (ص) :( الحياء من الايمان , والايمان في الجنة . والبذاء من الجفاء , والجفاء في النار ) ..والبذاء اي :سوء الادب , والجفاء أي :غلظة القلب , ويقول (ص) :( الحياء والايمان قرناء جميعاً اذا رفع أحدهما رفع الآخر ).
• يقول النبي (ص) :( ان الله اذا أراد ان يهلك عبداً نزع منه الحياء , فاذا نزع منه الحياء لم تلقه الا مقيتاً ممقتاً , فاذا لم تلقه الا مقتاً ممقتاً ,نزعت منه الامانة ,....) .
• يقول النبي (ص) :( ان لكل دين خلقاً وخلق الاسلام الحياء ) , هذا يعني ان اكمل اخلاق الاسلام هو الحياء ...!!
• يقول النبي (ص) :( ان مما أدرك الناس من كلام النبوة الاولى :اذا لم تستح فاصنع ما شئت ) , اي ان خلق الحياء أجمع عليه كل الانبياء ولم ينسخ , ولهذا الحديث معنيان :-
الاول : تهديد ان لم يكن عندك حياء فاصنع ما شئت , فانك ستجازى .
الثاني : الاقدام على الفعل وعدم التحرج ...فان كان الفعل الذي ستفعله لا تستحي منه - وانت ذو قلب حيّ – فلا غبار فيه ولا عيب , فأقدم عليه ولا تبالي .
• يقول النبي (ص) :( ألا استحي من عثمان !؟ ذلك رجل تستحي منه الملائكة ) , الملائكة تستحي منه ...!! من حيائه وادبه .
• يقول الله (عز وجل ) واصفاً حال المرأة التي قابلت سيدنا موسى :(( فجاءته احداهما تمشي على استحياءٍ قالت ان أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا )) .
• يقول ابن القيم : \"وفرحك بالذنب أشد عند الله من الذنب , وضحكك وانت تفعل الذنب أشد عند الله من الذنب , وحزنك على فوات الذنب اذا فاتك أشد عند الله من الذنب , وحرصك على ان تستتر نفسك وانت تذنب ولا يضطرب قلبك لنظر الله اليك أشد عند الله من الذنب \" .
• يقول النبي (ص) :( يدني الله تبارك وتعالى العبد المؤمن منه يقول له :ادن عبدي أتذكر ذنب كذا ؟ أتذكر ذنب كذا ؟ أتذكر ذنب كذا ) حتى يظن العبد انه هالك فيقول الله (عز وجل ) :( سترتها عليك في الدنيا وها انا أغفرها لك اليوم ) , هل ما زلت مصراً على ترك طاعة الله ؟ بعد هذا لا تستحي من الله وسوف تعود للمعاصي ..!!
• سترتها عليك في الدنيا وها انا أغفرها لك اليوم ) , هل ما زلت مصراً على ترك طاعة الله ؟ بعد هذا لا تستحي من الله وسوف تعود للمعاصي ..!!

انواع الحياء
يقول العلماء ان الحياء من الله له ستة انواع :-
النوع الاول : حياء الجناية
ومعنى حياء الجناية :حياء من ارتكب مصيبة , كحياء سيدنا آدم (عليه السلام ) حينما أكل من الشجرة , فظل يجري هو وزوجته في الجنة , فقال الله تبارك : الى أين يا آدم أفرار مني ؟ قال : لا يا ربي بل حياءً منك .
النوع الثاني : حياء التقصير
ومعنى حياء التقصير : حياء من لم يعبد الله حق عبادته ...لن يستطيع احد ان يعبد الله حق عبادته ...؟! ولذلك فكلنا مقصرون ..., وهو كحياء الملائكة , يقول النبي (ص) :( أطت السماء وحق لها ان تئط , ما فيها موضع ثلاثة أصابع الا وملك ساجد ,او ملك راكع , او ملك قائم لله (عز وجل ) , حتى اذا قامت القيامة يقولون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ) , أطت السماء أي :ازدحمت وثقلت .
النوع الثالث : حياء استشعار نعم الله عليك
ويأتي هذا النوع من استشعارك من ان نعم الله تغمرك غمراً , فلا تعرف كيف تشكره فتستحي منه , كحياء النبي (ص) وهو يدعو ويقول :( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) .
النوع الرابع : حياء العبودية
وهو حياء العبد الذي يسمع ويطيع لمولاه ولا يرفض له أمراً , كحياء النبي (ص) حينما كانت القبلة الى بيت المقدس , ولكن النبي (ص) يريد ان تكون القبلة الى الكعبة ,يقول تعالى :(( قد نرى تقلب وجهك في السماء )) , فكان النبي (ص) ينظر الى السماء بعينية ولا يتكلم حياءً من الله ...حقاً كان النبي أشد حياءً من العذراء في خدرها .
النوع الخامس : حياء المحبة
ان هذا النوع لا يحتاج ان تقرأه , بل يحتاج ان تعيشه وتتذوقه ...فلحبك الشديد لله تستحي منه , فلربما بكت عيناك ولربما اضطرب قلبك , ولربما خشعت جوارحك , فمن حياء النبي (ص) ولحبه الشديد لله يقول :( اللهم ارزقني حبك وحب من أحبك , وحب عمل يقرّبني الى حبك ).
النوع السادس : حياء اجلال الله (عز وجل )
وهو حياء ناتج عن اجلال الله الملك العظيم مالك الملك , كحياء سيدنا جبريل (عليه السلام ) في رحلة الاسراء والمعراج وهم في السماء السابعة , وسيدخل النبي (ص) الى سدرة المنتهى ومعه جبريل , وفجأة توقف جبريل يقول النبي (ص) :( فالتفت الى جبريل فاذا هو كالحلس البالي ) ,من خشية الله , وحياءً منه فهو مستشعر اجلال الله , والحلس البالي هي : قطعة القماش الممزقة .

وختاماً {الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } , يقول العلماء : \" من استحى من الله بلغ مقام الاولياء \" .