أصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا
صفحة 1 من اصل 1
أصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا
أصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا
العظماء يحولون الخسائر إلى مكاسب ، عندما فقد عبد الله بن عباس عينيه ، وعرف أنه سيقضى ما بقي من عمره مكفوف البصر ، محبوسا وراء الظلمات عن رؤية الحياة والأحياء ، لم ينطوي على نفسه ليندب حظه العاثر .
بل قبل القسمة المفروضة ، ثم أخذ يضيف إليها ما يهون المصائب ويبعث على الرضا فقال :
إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وسمعي منهما نور
قلبي ذكي : وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
واسمع إلى ابن تيمية وهو يقول – مستهينا بتنكيل خصومه :
إن سجني خلوة ، ونفيي سياحة ، وقتلي شهادة !
أليست هذه الفواجع أقصى ما يصنعه الطغاة ؟
أنها عند الرجل الكبير قد تحولت إلى نعم يستقبلها بابتسام لا باكتئاب .
وتلك هي دعائم العظمة ، أو هذا هو تحويل الليمونة الحامضة إلى شراب سائغ ، أو كما يقول (كارنيجي) أو كما نقل عن (ايمرسون ) في كتابه القدرة على الانجاز حيث تساءل ( من أين أتتنا الفكرة القائلة أن الحياة الرغدة المستقرة الهادئة ، الخالية من الصعاب والعقبات تخلق سعداء الرجال أو عظمائهم ؟ إن الأمر على العكس ، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو ناموا على الحرير والتأريخ يشهد بأن العظمة والسعادة أسلمتا قيادهما لرجال من مختلف البيئات ، بيئات فيها الطيب ، وفيها الخبيث ، وفيها التي لا تميز بين طيب وخبيث )
في هذه البيئات نبت رجال حملوا المسؤوليات على أكتافهم ، ولم يطرحوها وراء ظهورهم .
فمن يدري ؟ رب ضارة نافعة ، صحت الأجسام بالعلل . رب محنة في طيها منحة .
من يدري ؟ ربما كانت هذه المتاعب التي تعانيها بابا إلى خير مجهول ، ولئن أحسنا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ منها إلى مستقبل أطيب .
• تعلم مهارة النجاح من سيدنا يوسف عليه السلام
إن قصة يوسف تعلمنا أن من أراد النجاح ووضع هدفا نصب عينيه يريد تحقيقه فانه سيحققه لا محالة لها ، إذا استعان بالصبر والأمل ، فلم ييأس ، ولجأ إلى الله ونرى ذلك واضحا في قوله تعالى :
( انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين ) سورة يوسف أية 90
لذلك نستنتج من الآية السابقة أن معادلة النجاح عبارة عن تقوى الله أولا ، واللجوء إليه ، والصبر على مصائب الدنيا وتحدي المعوقات من حوله والتغلب عليها. والصبر هنا هو صبر ايجابي ومثابر ، لا نضيع أي فرصة سانحة إلا ونتعلم مهارة ما ، كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام حيث أنه أستطاع أن يحول الليمون الملحة إلى شراب حلوا (فهو استفاد من وجوده في بيت العزيز مثلا في تعلم كيفية إدارة الأموال وقوله : (( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )) يوسف/55 .
• يوسف عليه السلام والأمل
إن يوسف عليه السلام لم يملك أي مقوم من مقومات النجاح ، لكنه لم يترك الأمل وبقي صابرا ولم ييأس .
وآيات السورة مليئة بالأمل ( ولا تيئسوا من روح الله انه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ) يوسف87 .
هذه الآية لا تعني أن اليائس كافر ، بل إن معناها أن الذي ييأس فيه صفة من صفات الكافر ، لأنه لا يدرك أن تدبير الله سبحانه وتعالى في الكون لا يعرفه أحد ، أن الله كريم ورحيم وحكيم في أفعاله .
• النجاح والتواضع لله
يوسف عليه السلام عندما نجح في حياته ووصل إلى أعلى المناصب ، لم تنسه نشوة النصر ( التواضع لله
ونسبة الفضل اله سبحانه ) فقال (( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصلحين )) يوسف 11 0 .
وأنظر إلى تواضعه في قوله (( وألحقني بالصالحين )) ، وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم . وهكذا نرى أن سيدنا يوسف نجح في امتحان السراء بشكر الله تعالى والتواضع له ، كما نجح في امتحان الضراء بالصبر والأمل .
فعندما ينجح الشاب في حياته ويحقق طموحاته فيها ، وعندما ينجح القائد ويحقق انتصاراته ، وعندما ينجح المدير ويحقق انجازاته ، وعندما ينجح الشركة ووو.. ، فيجب أن لا ينسوا نشوة النصر التواضع لله والفضل إليه سبحانه وتعالى وشكره (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) .
فيا شباب الأمة ، تعلموا من سيدنا يوسف النجاح في حياتكم العملية ،والتفوق في الدنيا والآخرة ، بالعلم والعمل من جهة ، وبمقاومة الشهوات والصبر عنها ،وتحملوا المتاعب في حياتكم وأصنعوا من الليمون الملح الى شراب حلوا .
والحمد لله رب العالمين
المصادر :
1- خواطر قرآنية نظرات في أهداف سور القران عمرو خالد
2- جدد حياتك محمد غزالي
العظماء يحولون الخسائر إلى مكاسب ، عندما فقد عبد الله بن عباس عينيه ، وعرف أنه سيقضى ما بقي من عمره مكفوف البصر ، محبوسا وراء الظلمات عن رؤية الحياة والأحياء ، لم ينطوي على نفسه ليندب حظه العاثر .
بل قبل القسمة المفروضة ، ثم أخذ يضيف إليها ما يهون المصائب ويبعث على الرضا فقال :
إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي لساني وسمعي منهما نور
قلبي ذكي : وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم كالسيف مأثور
واسمع إلى ابن تيمية وهو يقول – مستهينا بتنكيل خصومه :
إن سجني خلوة ، ونفيي سياحة ، وقتلي شهادة !
أليست هذه الفواجع أقصى ما يصنعه الطغاة ؟
أنها عند الرجل الكبير قد تحولت إلى نعم يستقبلها بابتسام لا باكتئاب .
وتلك هي دعائم العظمة ، أو هذا هو تحويل الليمونة الحامضة إلى شراب سائغ ، أو كما يقول (كارنيجي) أو كما نقل عن (ايمرسون ) في كتابه القدرة على الانجاز حيث تساءل ( من أين أتتنا الفكرة القائلة أن الحياة الرغدة المستقرة الهادئة ، الخالية من الصعاب والعقبات تخلق سعداء الرجال أو عظمائهم ؟ إن الأمر على العكس ، فالذين اعتادوا الرثاء لأنفسهم سيواصلون الرثاء لأنفسهم ولو ناموا على الحرير والتأريخ يشهد بأن العظمة والسعادة أسلمتا قيادهما لرجال من مختلف البيئات ، بيئات فيها الطيب ، وفيها الخبيث ، وفيها التي لا تميز بين طيب وخبيث )
في هذه البيئات نبت رجال حملوا المسؤوليات على أكتافهم ، ولم يطرحوها وراء ظهورهم .
فمن يدري ؟ رب ضارة نافعة ، صحت الأجسام بالعلل . رب محنة في طيها منحة .
من يدري ؟ ربما كانت هذه المتاعب التي تعانيها بابا إلى خير مجهول ، ولئن أحسنا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ منها إلى مستقبل أطيب .
• تعلم مهارة النجاح من سيدنا يوسف عليه السلام
إن قصة يوسف تعلمنا أن من أراد النجاح ووضع هدفا نصب عينيه يريد تحقيقه فانه سيحققه لا محالة لها ، إذا استعان بالصبر والأمل ، فلم ييأس ، ولجأ إلى الله ونرى ذلك واضحا في قوله تعالى :
( انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين ) سورة يوسف أية 90
لذلك نستنتج من الآية السابقة أن معادلة النجاح عبارة عن تقوى الله أولا ، واللجوء إليه ، والصبر على مصائب الدنيا وتحدي المعوقات من حوله والتغلب عليها. والصبر هنا هو صبر ايجابي ومثابر ، لا نضيع أي فرصة سانحة إلا ونتعلم مهارة ما ، كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام حيث أنه أستطاع أن يحول الليمون الملحة إلى شراب حلوا (فهو استفاد من وجوده في بيت العزيز مثلا في تعلم كيفية إدارة الأموال وقوله : (( قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )) يوسف/55 .
• يوسف عليه السلام والأمل
إن يوسف عليه السلام لم يملك أي مقوم من مقومات النجاح ، لكنه لم يترك الأمل وبقي صابرا ولم ييأس .
وآيات السورة مليئة بالأمل ( ولا تيئسوا من روح الله انه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ) يوسف87 .
هذه الآية لا تعني أن اليائس كافر ، بل إن معناها أن الذي ييأس فيه صفة من صفات الكافر ، لأنه لا يدرك أن تدبير الله سبحانه وتعالى في الكون لا يعرفه أحد ، أن الله كريم ورحيم وحكيم في أفعاله .
• النجاح والتواضع لله
يوسف عليه السلام عندما نجح في حياته ووصل إلى أعلى المناصب ، لم تنسه نشوة النصر ( التواضع لله
ونسبة الفضل اله سبحانه ) فقال (( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصلحين )) يوسف 11 0 .
وأنظر إلى تواضعه في قوله (( وألحقني بالصالحين )) ، وكأن الصالحين سبقوه وهو يريد اللحاق بهم . وهكذا نرى أن سيدنا يوسف نجح في امتحان السراء بشكر الله تعالى والتواضع له ، كما نجح في امتحان الضراء بالصبر والأمل .
فعندما ينجح الشاب في حياته ويحقق طموحاته فيها ، وعندما ينجح القائد ويحقق انتصاراته ، وعندما ينجح المدير ويحقق انجازاته ، وعندما ينجح الشركة ووو.. ، فيجب أن لا ينسوا نشوة النصر التواضع لله والفضل إليه سبحانه وتعالى وشكره (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) .
فيا شباب الأمة ، تعلموا من سيدنا يوسف النجاح في حياتكم العملية ،والتفوق في الدنيا والآخرة ، بالعلم والعمل من جهة ، وبمقاومة الشهوات والصبر عنها ،وتحملوا المتاعب في حياتكم وأصنعوا من الليمون الملح الى شراب حلوا .
والحمد لله رب العالمين
المصادر :
1- خواطر قرآنية نظرات في أهداف سور القران عمرو خالد
2- جدد حياتك محمد غزالي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى